قبل نحو خمسة أشهر، كانت حملة ميدانية لتحرير الملك العمومي بحي لاسيكون كفيلة بكشف واحدة من أخطر بؤر الخطر الصحي التي تهدد حياة المواطنين في مدينة القنيطرة.
الحملة التي أشرف عليها رئيس دائرة معمورة، مرفوقًا بقياد الدوائر الثانية والثالثة والرابعة عشرة، ومسؤولي الصحة، ورجال الأمن، والسلطات المختصة بقطاع التغذية، أظهرت وضعًا صادمًا داخل إحدى المخابز، حيث الأوساخ متراكمة في كل زاوية، والآلات قديمة ومتهالكة، والعفن يكسو الجدران والمعدات، في غياب تام لشروط النظافة والسلامة الصحية. الصور التي وثقتها عدسات الصحفيين يومها كشفت أن الخبز المنتج في هذا المكان لم يكن سوى قنبلة صحية موقوتة تهدد آلاف المستهلكين.
كانت الزميلة مريم الزكراوي، الصحفية بجريدة أخبار الفجر المغربية، ضمن فريق الصحفيين الذين رافقوا السلطات وغطوا الحدث بمهنية عالية، موثقة بالصوت والصورة كل الخروقات أمام أعين المسؤولين. لكن بعد أشهر من الواقعة، تفاجأت الزميلة باستدعاء رسمي مساء أمس من أجل أخذ أقوالها على خلفية شكاية رفعها صاحب المخبزة، في خطوة قرأها الكثيرون كمحاولة للضغط على صوت حر وإسكات قلم نزيه.
واليوم، وبينما يحتفل المغرب باليوم الوطني للجالية المغربية المقيمة بالخارج، استقبل عامل إقليم القنيطرة، السيد أزوار خالد، الكاتب الإقليمي للنقابة الوطنية للصحافة ومهن الإعلام، الذي أثار معه موضوع حماية الصحفيين من مثل هذه الممارسات التضييقية. العامل أكد، خلال اللقاء، أنه سيتابع هذا الملف شخصيًا، وأن الصحفيين سيكونون في أمان ما داموا يشتغلون بنزاهة ويحترمون أخلاقيات المهنة.
الواقعة تطرح من جديد سؤال حماية الصحافة الميدانية وضمان حرية العمل الاستقصائي في مواجهة الممارسات التي تحاول كبح دور الإعلام في كشف الحقائق والدفاع عن صحة وسلامة المواطنين.