في سياق التحولات التشريعية التي يشهدها المغرب، نظمت كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة ندوة علمية يوم الخميس 6 فبراير 2025، تحت عنوان “مشروع قانون المسطرة المدنية 02.23”، حضرها عدد من الخبراء الأكاديميين والممارسين القانونيين من مختلف أنحاء المملكة. وركزت الندوة على أهمية مشروع هذا القانون في تطوير النظام القضائي وضمان تحقيق العدالة السريعة.
افتتحت الندوة الأستاذة وداد العيدوني، أستاذة التعليم العالي ومنسقة ماستر المهن القانونية والقضائية والتحولات الاقتصادية والرقمية، حيث استعرضت في كلمتها أهمية تحديث قانون المسطرة المدنية بشكل يواكب التحولات الاجتماعية و التكنولوجية التي يشهدها المغرب. وأكدت على أن الهدف الأساسي لهذا المشروع هو تبسيط الإجراءات القضائية وجعلها أكثر شفافية وفعالية، مما سيسهم في تعزيز ثقة المواطنين في النظام القضائي.
في مداخلته، تناول الأستاذ محمد الملجاوي، الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف التجارية، قضية الاختصاصات الجديدة لرئيس المحكمة في ظل مشروع القانون. وقال إن من بين أبرز المستجدات التي أتى بها هذا المشروع هي المادة 149 التي تمنح لرئيس محكمة الاستئناف التجارية صلاحيات جديدة في القضايا الاستعجالية. وأشار إلى أن هذه المواد قد تثير بعض التحديات في التطبيق العملي، مؤكداً على ضرورة إعداد القضاة والممارسين بشكل جيد للتعامل مع هذه التعديلات.
الأستاذ يونس المراكشي، رئيس كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية بالرباط، قدم مداخلة حول أهمية كتابة الضبط في تحسين الزمن القضائي. وأكد على أن الرقمنة في الإجراءات القضائية قد تكون الحل الأمثل لتحسين سير القضايا، ولكن مع ضرورة مواكبة هذه التحولات من قبل جميع الأطراف المعنية، من قضاة ومحامين ومفوضين قضائيين. كما أشار إلى ضرورة تنسيق الزمن القضائي بحيث لا تكون الإجراءات طويلة ومعقدة مما يؤدي إلى إبطاء العدالة.
من جانبها، تناولت الأستاذة خديجة جنان، المحامية وعضوة مجلس هيئة المحامين بطنجة، تأثير التعديلات على حقوق الدفاع و استقلالية المحاماة. وأشارت إلى أن التهديدات التي قد تطال استقلالية المحامين في المشروع قد تؤدي إلى إضعاف حقوق المتقاضين، وبالتالي يجب مراجعة بعض المواد المتعلقة بالآجال و الرقمنة التي قد تؤثر سلبًا على العدالة.
أما الدكتور عبد الرحمان الشرقاوي، أستاذ جامعي بكلية الحقوق السويسي بالرباط، فقد أشار إلى أن مشروع قانون المسطرة المدنية 02.23 يجب أن يعكس التطورات القانونية في المجتمع المغربي. وقال إن هذا المشروع يمثل نقلة نوعية في تطور النظام القضائي، ولكنه يحتاج إلى المزيد من التمحيص و المراجعة لضمان تماشيه مع المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها البلاد.
واختتمت الندوة بمجموعة من التوصيات التي أكد فيها المشاركون على ضرورة مراجعة مواد المشروع التي قد تؤثر على حقوق الأطراف، بالإضافة إلى ضرورة تعزيز الرقمنة في الإجراءات القضائية مع حماية حقوق الدفاع.