بعد سبع سنوات من العمل الميداني المتواصل، بدأ أثر برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية في العالم القروي (2017–2023) يبرز بوضوح في جهة طنجة–تطوان–الحسيمة، حيث تحولت القرى والمناطق الجبلية إلى فضاءات أكثر اتصالًا بالحياة والتنمية، بفضل تحسّن ملموس في البنيات الأساسية وتوسّع التغطية بالخدمات العمومية.
هذا التحول يأتي في سياق تستعد فيه الحكومة لإطلاق جيل جديد من البرامج التنموية المتكاملة، يقوم على التوجيهات الملكية الرامية إلى ترسيخ العدالة المجالية كركيزة للنمو المتوازن بين الجهات.
ووفق معطيات رسمية قدّمتها وزارة الاقتصاد والمالية أمام لجنة برلمانية سنة 2025، فقد بلغت الاعتمادات المرصودة لتنفيذ البرنامج على مستوى الجهة حوالي 6.2 مليار درهم، تم الالتزام بأكثر من 98% منها، فيما تجاوزت نسبة الأداء 81%.
وشملت تدخلات البرنامج مشاريع حيوية تهدف إلى فكّ العزلة عن الجماعات القروية وربطها بشبكات الطرق، وتوسيع ولوج الساكنة إلى الماء الصالح للشرب والكهرباء، إلى جانب دعم التعليم والصحة من خلال بناء حجرات دراسية، وتجهيز وحدات صحية متنقلة، وتوفير النقل المدرسي.
وقد امتدت هذه المشاريع لتغطي معظم أقاليم الجهة، من شفشاون ووزان إلى الفحص–أنجرة والعرائش، حيث استفادت عشرات الجماعات القروية من تعبيد مسالك جديدة وتوفير خدمات اجتماعية طال انتظارها.
وتُجمع التقارير المحلية على أن هذه الإنجازات ساهمت في تحسين مؤشرات الولوج إلى الخدمات الأساسية، وتقليص نسب الهدر المدرسي، وتسهيل تنقّل السكان نحو المراكز الصحية والأسواق، خاصة خلال الفترات الشتوية التي كانت تعزل العديد من الدواوير.
على الصعيد الوطني، يُعد هذا البرنامج، الذي رُصدت له ميزانية تقارب 50 مليار درهم، واحدًا من أكبر المشاريع العمومية الموجّهة إلى الوسط القروي، حيث شمل أكثر من ألف جماعة قروية واستفاد منه ما يزيد عن 12 مليون مواطن ومواطنة.
وفي أفق سنة 2026، تتجه الحكومة نحو إطلاق مرحلة جديدة من البرامج الترابية، تقوم على استهداف أدق للجماعات ذات الأولوية، وتعزيز التنسيق بين مختلف المتدخلين، في انسجام مع التوجيهات الملكية حول الجهوية المتقدمة وربط المسؤولية بالمحاسبة، بما يضمن استدامة الأثر التنموي وترسيخ العدالة في توزيع فرص العيش الكريم بين المدن والقرى.







