في سابقة قضائية لافتة بإقليم بنسليمان، أصدرت المحكمة الإدارية قرارًا يُلزم عامل الإقليم ورئيس المجلس الجماعي بإرجاع مبلغ مالي ضخم قدره 270 مليون سنتيم إلى الخزينة العامة، في أجل أقصاه عشرة أيام، وذلك بعد أن تم صرف المبلغ في شكل منح لـ72 جمعية محلية، وُصفت ظروف صرفها بأنها مخالفة للمقتضيات القانونية.
مصادر محلية أكدت أن مأمور التنفيذ بالمحكمة الإدارية حلّ، يوم الاثنين الماضي، بمقر عمالة الإقليم، حيث سلم إشعارًا رسميًا يتضمن منطوق الحكم، محذرًا من تبعات قانونية ومالية في حال عدم التنفيذ داخل الآجال المحددة.
هذا القرار يأتي عقب حكم استئنافي صادر عن محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط في منتصف ماي 2025، قضى بإلغاء محضر الدورة الاستثنائية للمجلس الجماعي المنعقدة يومي 28 و29 نونبر 2024، وكافة المقررات المتعلقة بتوزيع المنح على الجمعيات، بعدما تبيّن أن جزءًا منها يخص جمعيات وهمية أو غير نشيطة.
القضية تفجرت إثر دعوى قضائية رفعها زهير فضلي، عضو المعارضة بمجلس جماعة بنسليمان، لدى المحكمة الإدارية بالدار البيضاء، طالب فيها بإلغاء مقررات الدورة الاستثنائية، استنادًا إلى خروقات مسطرية ومخالفة صريحة للمادة 37 من القانون التنظيمي 113.14، التي تحدد شروط عقد هذه الدورات.
الطعن كشف أن رئيس المجلس دعا لعقد الدورة دون استدعاء قانوني لكافة الأعضاء، مستندًا فقط إلى مراسلة من عامل الإقليم السابق سمير اليزيدي، مؤرخة بـ19 نونبر 2024، تضمنت ملاحظات حول عدم قانونية بعض المقررات، لكنها لم تتضمن أي طلب صريح بعقد دورة استثنائية.
العامل السابق رفض التأشير على مقرر منح الجمعيات خلال دورة أكتوبر 2024، بعد توصله بمعلومات عن وجود اختلالات كبيرة، أبرزها دعم جمعيات محسوبة على أعضاء من الأغلبية، مقابل إقصاء جمعيات نشيطة وذات مصداقية.
هذا الحكم أحدث ارتباكًا واضحًا داخل المجلس الجماعي والسلطات الإقليمية، وأثار موجة انتقادات حول تدبير المال العام وغياب الشفافية في صرف الدعم العمومي. كما عزز دور المعارضة في كشف الخروقات وتفعيل الرقابة القضائية على القرارات الإدارية.
الأيام القادمة قد تحمل تطورات متسارعة، في ظل محاولات لتدارك الموقف قبل انتهاء المهلة القضائية، وسط توقعات بمساءلة المسؤولين المتورطين، وربما فتح ملفات أخرى مرتبطة بتدبير الشأن المحلي في بنسليمان.