في خطوة جديدة، أثار الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله ابن كيران، زوبعة من الجدل السياسي والديني بعدما وجه انتقادات حادة لوزير العدل، عبد اللطيف وهبي، على خلفية تصريحاته الأخيرة التي أساءت إلى لفظ “المتعة” الوارد في القرآن الكريم.
التصريحات التي أدلى بها الوزير وهبي كانت قد أثارت موجة من الاستنكار، خاصة بعدما وصف بعض المصطلحات القرآنية بأنها مهينة للمرأة، ما دفع ابن كيران من جديد لإستغلال النقاش الدائر في مواقع التواصل الاجتماعي والمطالبة باعتذار علني من الوزير.
عبد الإله ابن كيران تحدث عبر بث مباشر من قناة الأمانة العامة للحزب في اجتماع الأمانة العامة لحزبه عن خطورة هذه التصريحات، مشيرًا إلى أن التحقير الذي تعرض له لفظ “المتعة” يعد إهانة مباشرة للقرآن الكريم وللثوابت الدينية.
وقال في هذا الصدد: “من الواجب على وزير العدل أن يعتذر للأمة الإسلامية عن الإساءة التي وجهها لفظيًا لمصطلح قرآني صريح جاء في كتاب الله لصالح المرأة”.
وأشار ابن كيران إلى الآية الكريمة في سورة البقرة التي تقول: “لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعًا بالمعروف حقًا على المحسنين”. هذه الآية، وفقًا للأمين العام للبيجيدي، تدل على أن “المتعة” هي حق من حقوق المرأة، وأن أي محاولة لتقليل قيمتها تعد تجاوزًا على نصوص القرآن وصحيح الشريعة الإسلامية.
ولم يكن ابن كيران وحده في هذا الموقف، فقد رد الأستاذ خروبات، وهو متخصص في الشريعة من مراكش، بشكل بليغ على تصريحات وهبي، مؤكدًا أن “المتعة” هي مفهوم ديني شرعي ورد في القرآن ولا يمكن للوزير أو لأي شخص آخر أن يقلل من شأنه. وأضاف خروبات أن المسؤولين يجب أن يتحلوا بالوعي الكافي عندما يتحدثون عن المفاهيم القرآنية، لاسيما في سياق حساس مثل هذا.
وكانت تصريحات وزير العدل قد جاءت في وقت حساس، خصوصًا في ظل الجدل المستمر حول تعديل مدونة الأسرة التي ترأس الملك جلسة العمل الخاصة بها.
وقد أثيرت في الآونة الأخيرة نقاشات حول كيفية ملاءمة القوانين المغربية مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، مما جعل موقف وهبي مثارًا للعديد من الانتقادات.
وبالرغم من أن رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أمينة بوعياش، قدمت مقترحات قد تكون بعيدة عن الشريعة الإسلامية، كان حديث وهبي عن “المتعة” بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير.
الوزير، الذي يتبنى مرجعية يسارية، بحسب تصريح ابن كيران، اعتبر أن بعض المصطلحات الشرعية قد تكون مهينة للمرأة في العصر الحديث، خاصة تلك التي تتعلق بمفاهيم مثل “المتعة”. كما شدد على ضرورة إيجاد مفاهيم بديلة ترفع من احترام المرأة في المجتمع.
لكن هذه الدعوات لاقت رفضًا شديدًا من العديد من الشخصيات السياسية والدينية، الذين اعتبروا أن هذا الموقف يعكس تجاهلًا للثوابت الدينية والاجتماعية في المغرب.
وفي خضم هذا الجدل، يظل السؤال مطروحًا: هل سيستجيب وزير العدل لدعوة ابن كيران ويقدم اعتذاره عن تصريحاته التي أساءت إلى مفهوم قرآني؟ أم أن هذا الموضوع سيبقى محل تجاذب بين القوى السياسية والشرعية في البلاد؟
إلى حين ذلك، تبقى الساحة السياسية المغربية مشتعلة بهذا الجدل الذي يعكس التوترات بين الدين والسياسة في المجتمع المغربي، ويزيد من تعقيد عملية إصلاح القوانين بما يتماشى مع مبادئ حقوق الإنسان وحماية قيم الشريعة الإسلامية في الوقت نفسه.